المخطوطات هي تلك الكتابات التي أُنتجت لتكون ذكرى تدل على أن كتّابها مروا بهذه الحياة، وما الملصقات سوى مخطوطات الجيل الجديد والإبداع الذي ينتج تصميمًا برؤىً فنية ، وهذا ما أتى كنتيجةٍ في تحدي "من المخطوطات العربية إلى التصاميم الحديثة"،حيث رحلة تغنت بمخطوطات التراث الثقافي الإسلامي، من مجموعة معرض شطر المسجد، ليستلهموا منها المصممين إطاراتها وأشكالها الهندسية، بغرضِ تصميم ملصقٍ بصورةٍ جديدة، وذلك لمحاولة الرجوع إلى أصل الفنون الإسلامية، فجاء التحدي بالتعاون مع أفضل مائة ملصق عربي، وهي منصة تهدف إلى توثيق اللغة البصرية العربية من خلال اختيار وعرض أفضل وأحدث ما قدّمه الوطن العربي من ملصقات.
فقد بلغ عدد المشاركين في التحدي 20 مشارك من سبعِ دولٍ مختلفة، فاز منهم ثلاثة أشخاص تنوعت أفكارهم ورسوماتهم فأنتجوا ملصقاتٍ ذات اتساقٍ ومعنى، ورووا قصصًا ومواقف عاشوها ومروا بها، من خلال رسوماتهم، وفي هذه التدوينة نستعرض تصاميم الفائزين لنروي الإلهام الذي أتى فيها.
كان مُلهم المصممين إلى جانب المخطوط هو الشعر، فقد اختارت هيا اليحيى قصيدة أمير الشعراء، أحمد شوقي، النملة الزاهدة وهي جزء من سلسلة شعر الحكاية، وجاء اختيارها لهذه القصيدة لما تحمله من ذكرياتٍ لها في مرحلة الطفولة فدونتها بالملصق على شكلِ هوامش، حيث استقت إلهامها من مخطوطةٍ تحمل في طياتها نصوصًا كثيرة تكوّن كتلًا في التصميم دون أن تستعين بأي عنصرٍ آخر فنتج عنه ملصقًا يحملُ الشعرَ والحكايةَ والذكريات في آنٍ واحد.
وأكمل الشعر رحلته في إلهام مصممي الملصقات أو خطاطو الجيل الجديد، فاستلمهت المصممة أروى الشمري ملصقها من قصيدة الشاعر محمود درويش " من الأزرق ابتدا البحر"، فصورت القصيدة بملصق، استنبطت خطوطه من مخطوطتين إحداها للقرآن الكريم، فاستبدلت كلمات القصيدة بالرسوم والألوان لكونها شعرت أن القصيدة تُعبر عن الخيال والأصل وهذا ما يعبّر عنه التحدي من وجهة نظرها.
فيما كتبت أم سيلين رافي في مرحلة من مراحل حياتها قصيدة تصف جمال النجومِ في السماء، وحين جاء التحدي وقع اختيار سيلين على مخطوطةٍ ذكرتها بالقصيدة، التي كتبتها أمها، فارتأت أن يحمل ملصقها هذه القصيدة، التي وصفت بها أم سيلين روعة السماء وبهاءها بما تحمله من نجومٍ وضاءة شبيهةٍ بأشعةِ الشمس، فما كان من الابنة سوى أن تُزين القصيدة برسومٍ وألوان تُبرز روعتها.
جاءت هذه الثلاثة تصاميم كفصلٍ قصير يُدعى التحدي، حيث قضى فيه المصممون أربعة أيام انطوى اليوم الأول على تعريف المشاركين بالمخطوطات العربية الإسلامية لتطوير فكرةٍ أولية، واستكشاف عناصر المخطوطات، فيما جاء اليوم الثاني لتعلم العمل بصريًا على قصة أو قصيدةٍ ما، وثالث يوم عُرضت التصاميم الأولية على المجموعة للنقاش حولها وحول الهوية العربية، فيما اختتم التحدي بيومه الأخير من خلال عرض المصممين لأعمالهم النهائية.
بقلم نورة البراك