الصناعة الإبداعيّة في المملكة العربيّة السعودية
قماشٌ شاغر
تقوم العمليّة الإبداعيّة بجلب شيءٍ ما إلى الوجود. أشياء بسيطة كالغراء، والمواد البراقة، والأوراق، وقليل من الإلهام هي كلّ ما تحتاجه لتخلق فناً أو فكرة أو حتى قصة. لذا؛ يقدم إثراء العديد من البرامج الإبداعية، كتحديات تنوين، وهو برنامج مصمم خصيصًا لإلهام الأفراد والارتقاء بالمجتمع. وبعيداً عن المركز الثقافي والإبداعي الأيقوني في مدينة الظهران، فإنّ المملكة العربية السعودية تشهدُ نقلة إبداعيّة غير مسبوقة.
إن المشهد الإبداعي السعودي آخذٌ بالتحول بشكل كبير، حيث تتجه هذه الصناعة الإبداعية المزدهرة نحو مستقبل باهر. وبينما تشجع تحديات تنوين المشاركين على التفكير خارج الصندوق، تقدم البرامج الإبداعية الأخرى المقامة في المملكة ببرامجَ ابتكارية غير مسبوقة. وانطلاقاً من أسبوع الأزياء العربي، ورواد الأعمال المبدعين، والأشخاص المؤثرين، تشهد المملكة تغييرات كبيرة. فقد أعلنت السعودية في 25 أبريل 2016 عن رؤية 2030. ومنذ ذلك الحين، ازداد دعم قطاعيْ الترفيه والفن. ففي أربع سنوات فقط، استضافت المملكة فعاليات كثيرة جدًا إبداعيّة. وبنظرة واحدة إلى تاريخ الصناعة الإبداعية السعودية، ابتداءً من 2017، تثبت أنها صناعة متنوعة وملهمة.
تم افتتاح مركز إثراء في 1 ديسمبر 2017 على يد الملك سلمان بن عبد العزيز. وبلغت الصناعة الإبداعية المنتظرة ذروتها في السنة التي تليها. فتم عقد أول أسبوع أزياء في السعودية في أبريل، وفاضت الرياض بمحبي ومصممي الأزياء من مختلف أنحاء الشرق الأوسط. وعرض المصممون والعلامات التجارية المشهورة أحدث مجموعاتهم بمن فيهم المصممة السعودية أروى البناوي. وقد منح هذا الحدث المثير مصممي الأزياء السعوديين الطموحين منصة عالمية للمرة الأولى.
ومع المحركات الابتكارية التي تعمل على الحالة الفارغة للأمّة، يشع الأفراد المبدعون ويتقدمون عبر البلد. ولأول مرة منذ 40 عاماً، تفتتح السعودية أول سينما عامة في 18 أبريل 2018 في الرياض، وتلاها افتتاح أول سينما في جدة في يناير 2019. وقد دفعت هذه الخطوة تجاه الصناعة الترفيهية قطاع الأفلام السعودية إلى حدود جديدة. حيث تم تقديم الفنانين والمخرجين والمنتجين السعوديين إلى العالم ودعمهم من قبل مسرح وسينما إثراء.
فتح إثراء أبوابه للعامة في يونيو 2018. ويستمر هذا المركز الإبداعي في تحقيق وعوده كمركز تمكين وتنمية للمبدعين السعوديين. ويقف إثراء كمنارة للتغيير، مانحاً الرجال والنساء منصة لتطوير إبداعهم، واكتشاف شغفهم، وتعلم مهارات جديدة.
لطالما كانت السعودية لغزاً للكثيرين عالمياً. فدون زيارة الدولة واختبار ثقافتها، نظرَ الكثيرون إلى المملكة بوصفها أحجية. لكن ذلك تغير في 27 سبتمبر 2019، حيث استطاع الزوار أن يحصلوا على تأشيرة سياحية لزيارة السعودية ورؤيتها بأنفسهم. ورحب القطاع السياحي بالكثيرين في المواقع الأثرية والأماكن الجديدة في المملكة. وقد منح هذا التغيير المراكز في المملكة فرصة لتحسين خدماتهم واستيعاب الثقافات العالمية. كما سمح التوسع نحو السياحة للمبدعين السعوديين بإنتاج مشاريع ريادية ابتكارية. وقد تم تصميم إثراء ليكون نقطة جذب سياحية مهمة في المنطقة الشرقية.
وبعد ذلك بشهر، أطلقت المملكة 11 موسماً في السعوديّة. انطلق موسم الرياض 2019 في أكتوبر واستمر لمدة شهرين. وأحدث حالة هائلة من الحماس تجاه مختلف الأنشطة الفنية، والرياضية والثقافية عبر المملكة. كما استضافت المواسم الأخرى كموسم الشرقية، وموسم جدة وغيرها؛ الكثير من المشاهير والموسيقيين العالميين وأكثر.
وفي نهاية عام 2019 المثير في المملكة، حطّم احتفال مدل بيست الأرقام القياسية العالمية كأطول مسرح مؤقت في العالم. وقد استضاف مدل بيست أكبر احتفال موسيقي وفني وثقافي، حيث فاق عدد حضوره 400,000 شخص، متجاوزًا بذلك احتفال كوتشيلا المشهور، والذي يحضره حوالي 46,000 شخص. ويعكس تدفق الحضور هذا بشدة رغبة السعوديين للترفيه والإبداع والتواصل العالمي.
إن مستقبل الصناعة الإبداعية في السعودية زاهر. حيث تمنح الاحتفالات، وعروض الأزياء، والمسارح والمراكز الثقافية السعوديين مصدراً للإلهام والتحفيز والدعم اللازم لخلق مستقبل مثير. حيث ينتظر الاسم السعودي التالي أن يحصل على لقبه ككاتب، وفنان، وموسيقيّ، وطاهٍ، ومصمّم، وغيرها الكثير من المهن الإبداعيّة الطموحة.
بقلم: نورا آل طه