هنالك اقتباس لميك إيفيريت: "إذا وقع كاتب في حُبّك، فلن تموت أبدًا"، حيث وجدنا ضمن صفحات العديد من الروايات، جميع الشخصيات المُستلهمة التي عاشت وتنفست من قصة حب في حياة الكاتب الشخصية، بدءًا من كيفية حركة الشخصية وانسيابيّتها، وحتى الطريقة التي تتكلم بها بتواتر رتيب أو بسرعة ذكية، إلى جانب رائحة عطر الشخصيّات واهتماماتهم ووظائفهم، وجميعها قد تكون مستوحاة من حُبٍ محدّد، وليس فقط الحب الرومانسيّ.
الحُب، تمامًا كمكتبة مليئة بالكتب، له أنواع وأحجام كثيرة جدًا ومتنوعة بالنسبة إلى البشر، كحُب العائلة، الأصدقاء ، شريك الحياة، حُب أنفُسنا وحياتنا، وفي شهر فبراير، نستكشف معًا طرق رؤية اللغز الأبرز ألا وهو: الحُب.
الوجوه العديدة للحُبّ:
هنالك الكثير من أنواع الحُب المختلفة بقدر عدد الأشخاص في العالم، ولا يوجد حب يشابه الآخر، فالشركاء الذين يوجد بينهم فارق عمري أو أولئك البعيدون عن بعضهم أو الذين ينتمون لثقافات أو أديان مختلفة أو ذوي الشخصيات المختلفة، جميعهم يتواجدون على أرضٍ مشتركة، فالحُب يتكيّف مع نفسهِ ليُناسب كلّ شخص، فنحن نتعاطى مع الحب بفهمنا وإستراتيجيتنا الشخصيّة.
يرفع الحب في آنٍ واحد أوتاد السلام وآلام القلب، وشجاعتك لمواجهة قدرك في الحُب هي التي تحدد نهايتك، فعندما نكون صادقين في الحب، فنحن نواجه ضعفًا، ولكننا نصل أيضًا إلى إمكانية أن نُقبل كما نحن وبما نريد أن نحقّقه في الحياة، حيث يدفعنا الحب إلى تحدي حياتنا لنصل إلى أحلامنا، وأن نختار شريكًا، وأن نكون متواجدين مع عائلاتنا وأصدقائنا وأن نساعد المحتاجين.
أين نجد الحب؟
يكمن الحب في أبسط الأشياء، فهو يوجد في الضحكة، ويُسمَع في صوت الأحبّة، ويختبئ داخل الذكريات السعيدة والمحادثات الصادقة، ويرقص الحبّ في الأعين ويعانق القلوب المكسورة.
الحب هو السرّ في الطعام، والمتعة التي نجدها في شغفنا وفي التواصل الذي نشعر به مع الناس، إنّ الحبّ هو أصعب شعور من ناحية الحصول عليه، ولكنه الأسهل من ناحية التمسك به، فلا يوجد إنسان عاقل يريد أن يتخلى عن الحُب.
ماذا نفعل بالحب؟
الحب ليس ما يحدث لك، بل هو ما تفعله، فالحُب يتطلّب فعلًا ككل شيء في هذه الحياة، كالشغف للرسم لن يخلق الصورة التي في بالك دون فعلها، وحبّ شخص ما ليس حبًا حتى تتصرف اتجاهه، ففي الحب دائمًا نرغب بالانسجام وبأن نشعر أننا ذو أهمية مختلفة عن البقية، حيث نجد أنه مع الحب تأتي التضحية، وفي الحب، يكمن أيضًا التوازن، ويجب على الحب أن يكبر ويشجعك على التطور أيضًا، ولا يجب أن يكون الحب راكدًا أو مملًا، فهو شغوف وقوي بما فيه الكفاية ليغيّرك، فالهدف الأسمى الذي يسعى إليه الحُب، هو أن يغيّرك إلى الأفضل دائمًا.
يتطلب الحب منطقًا
لكن يتطلب الحب منطقًا، فالحب لا يدفع الفواتير، ولا يقدم الرعاية الصحيّة فقط، ورغم اعتبار الحب بوصفه عاطفة معقدة، فإنّه يجبرك على التفكير بواقعية.
نجد في بعض التجارب أنّه يمكن للحب أن يكون درسًا أكثر من أي شيء آخر، هل حبّك عملي أم مبهج فقط؟ إذا كان الحب مغامرة ممتعة فقط، فهل هو كاف ليناسبك ويناسب احتياجاتك وليمنحك حياة تستحق العيش؟ أم هل وجدت الجانب المتوازن الأفضل للسعادة والاستقرار في الحب؟ وهل ما زلت في الحب لأنه مريح ومألوف، أم أنك وجدت أنه حقيقي بما فيه الكفاية ليساعدك على النمو؟
يجعلنا الحب بشرًا
كيف سيكون عالمنا دون حب؟ كئيبًا؟ غارقًا في الوحدة؟ بل ربما حتى فارغًا؟ يمكن للحب أن يصلنا ببعضنا البعض، وبدونه سنكون بِمَبعدةٍ عن بعضنا، فالحب يخلق أرض مشتركة، ويوحي بالاحترام، وبدونه يمكن أن نواجه ظلمًا كبيرًا، ودون الحب، لن نتواصل على المستوى العاطفي العميق، فالحب هو الوقود الذي يقود شغفنا نحو الحياة، ويدفع برغباتنا لتصبح حقيقة، وبأرواحنا لتغدو جديرة بالاهتمام، فدون الحب لن نكون بشرًا بما فيه الكفاية.
الحب في النهاية..
عندما يوجد الحُب بين الناس، يهزّ الأرواح ويوقظها لتواجه التغيير القادم، وهو التغيير نحو حياة أفضل، وعلاقة صحية، والسعي وراء أحلامنا، وهو يرقص في العيون ويعانق القلوب المكسورة، ومع الحب تأتي التضحية، وفي الحب يكمن التوازن، فهو يتطلب منطقًا، إذ نحن نعيش في عالم واقعي، نُجبر فيه على رؤية الجيّد والسيئ في الحُب، وأن نعمل فيه بمنطقية.
يعود الأمر لنا في رؤيتنا للحب كالعاطفة الإيجابية المغيرة للحياة التي هو عليها، وفي النهاية، كلنا نستمتع باللحظات التي نعيشها مع الحب لنشعر بالسلام الداخلي ونخفّف من وحدتنا في عالمنا الفوضوي الكبير، فهو يساعدنا على كتابة قصصنا الاستثنائية، ويجعلنا نصل لقدراتنا البشرية وأننا أكثر من شيء فانٍ.
في النهاية، دون الحُب، لن نكون بشراً بما فيه الكفاية!
- بقلم نورا الطه