عن إثراء

يرحب إثراء بك في مغامرة جديدة وتجارب جديدة تغذي إبداعك وإلهامك وشغفك بالتعلم.

استكشف عن إثراء

عضوية إثراء

أبحر أنت وعائلتك في رحلة إلى عوالم الفن والثقافة والابتكار والكثير من عوالم المعرفة، واكتشف المكتبة…

استكشف عضوية إثراء

موسيقى محمولة: 20 عامًا من أيبود آبل


سمح أيبود لملايين الناس بحمل عدد هائل من المكتبات الموسيقية داخل جيوبهم، حيث أصبح من الممكن أن تمتلك باقة موسيقية كاملة يسهل الوصول إليها طوال الوقت.

وكغيرها من المعالم التكنولوجية، أصبح الأيبود الآن منسيًا على هامش التاريخ التكنولوجي. ومع انتقال المجموعات الموسيقية إلى الفضاء الإلكتروني، لم يعد الأيبود مصدرًا مدهشًا بالنسبة إلينا، وإنما أصبحنا نقول: "لقد كنت أملك واحدًا من هذه الأجهزة منذ سنوات. أعتقد أنه مازال يعمل".

تم إطلاق الأيبود الأصلي في 23 أكتوبر 2001م، وكان جهازًا ثوريًا غيّر طريقة الاستماع إلى الموسيقى، مثلما فعل سوني ووكمان قبلها بـ 22 عامًا، والذي  كان جهازًا بحجم شريط الكاسيت. لكن عوضًا عن حفظ ساعة من الموسيقى على شريط الكاسيت، سمح هذا الجهاز الذي كان بسعة 5 غيغابايت بحفظ أكثر من 1000 أغنية مدة كل منها 3 دقائق، العدد الذي يكفي لتلبية معظم الأذواق.

وقد استفاد أيبود آبل من عدد من الإنجازات التكنولوجية، فقد تمكن مصممو البرامج من معرفة كيفية ترميز الأصوات والموسيقى إلى ملفات حاسوبية بحجم معقول: حوالي 3.5 ميغابايت لأغنية مدتها 3 دقائق مقارنة مع 50 ميغابايت التي كانت مطلوبة لمعظم الملفات الصوتية المستعملة في التعديل. كما أصبحت الأقراص الصلبة الصغيرة والرخيصة والتي يمكن حملها والتنقل بها متوفرة.

الجدير بالذكر أن آبل لم تكن أول شركة تطوير لمشغل موسيقي رقمي، فقد كانت هنالك مشغلات موسيقية رقمية متوفرة منذ أواخر التسعينيات. بل وكانت هنالك مشغلات تتسع لأغان أكثر مما يتسع له الأيبود، لكن التقيمات لم تكن إيجابية:  حيث نقلت نيويورك تايمز عن أحد المحللين قوله: "إنها ميزة جيدة لمستخدمي الماكنتوش. لكن بالنسبة لمستخدمي الويندوز حول العالم، فهي لا تشكل أي فارق".

لكن هذا المحلل كان مخطئًا للغاية، فقد باعت آبل 350 مليون أيبود بحلول 2014م، العام الذي توقفت فيه الشركة عن تقديم تفاصيل منتظمة حول مبيعات هذا المنتج.

إن ما قامت به آبل كان مختلفًا وسمح لها بالسيطرة على السوق لدرجة أصبحت فيه كلمة "أيبود" مرادفًا لمشغلات MP3 بعد ذلك. كما قدمت آبل مشغلاً ونظام تشغيل هو "آي تيونز ITunes"، والذي سمح للناس بشراء الموسيقى بسهولة، إذ كان تشغيل النظام بأكمله أسهل مما قدمته الشركات الأخرى، والذي كان عبارة عن مجرد مشغل لكن دون وصول سهل إلى الموسيقى على الإنترنت. بالإضافة إلى ذلك، كان تصميم آبل أبسط وأكثر بديهية من غيره، رغم تقديمها لمزايا أقل مثل راديو إف إم.

لم تقدم معظم أجهزة الأيبود طريقة للاتصال المباشر عبر الإنترنت للوصول إلى الموسيقى، بل كان يجب أن يتم ربطها عن طريق الحاسوب. هذا يعني أنه يمكن اعتبار آيبود كجهاز في سلسلة أجهزة إلكترونية، مما جعل استعمال الحاسوب أمرًا متاحًا لمعظم الناس وليس محصورًا على محبي التكنولوجيا.

لكن أكبر منافس للأيبود كان الهاتف الذكي، وتحديدًا الآيفون الذي ابتكرته آبل نفسها. حيث استطاعت الهواتف الذكية أن تقوم بكل ما يقوم به الأيبود وأكثر بكثير. ولم تعد هناك حاجة لدى المستخدمين لامتلاك جهاز إضافي للموسيقى في حين يمكن للهاتف الذكي أن يقوم بذلك. كما أن بإمكان الهاتف الذكي الاتصال مباشرة بالانترنت دون الحاجة إلى اتصال بالحاسوب كما هو الأمر في الأيبود المبكر.

واليوم، وتحديدًا في عام 2021م، لم تعد أجهزة الأيبود التقليديةمتوفرة للبيع، إنما نجد أجهزة أيبود تاتش هي المتاحة، والتي تشبه إلى حدٍ كبير أجهزة الآيفون القديمة، وهي في الواقع وتعمل كالهاتف الذكي باستثناء القدرة على الاتصال الهاتفي. ويزعم أحد نقاد آيبود تاتش أن عمل معظم وظائف الموسيقى أفضل على الهاتف الذكي، وأن الاستعمال الرئيسي لأيبود تاتش هو كجهاز محمول للألعاب الرقمية.

قد يكون هذا الناقد على حق، بيد أنّ هنالك شيئًا مُحزنًا حول كيفية اختفاء الأيبود من الوعي الجماعي ومدى سرعته. قد يتذكر بعض القراء كيف دام الراديو القديم وأجهزة التسجيل الكهربائية لعقود وتناقلت عبر الأجيال. بينما انتقلت أجهزة الأيبود من كونها منتهى التقدم التكنولوجي إلى الاختفاء في أقل من 20 سنة.

في 2004م، أطلق الممثل الأمريكي ويل سميث على الأيبود لقب "أداة القرن" رغم كون القرن في سنته الرابعة فحسب. ورغم أنه لا تزال هنالك 80 عامًا تقريبًا في القرن فقد اختفت هذه الأداة من الوعي الشعبي.

إن ما يخبرنا به زوال الآيبود  هو مخاطر الاعتماد بشكل كبير على علامة تجارية محددة أو شكل محدد من أشكال التكنولوجيا. استعملت أجهزة الأيبود بين عامي 2003 و2012 م كوسيلة اتصال محددة – لم تستعملها الشركات الأخرى – لربط الحواسيب والشواحن. تطورت صناعة كاملة للسماح للآيبود بالاتصال مع مختلف الأجهزة باستعمال هذا الموصل. كما احتوت بعض السيارات على أجهزة تحكم خاصة للآيبود. لكن منذ أن غيرت آبل مواصفات الموصل في 2012 م، أصبحت معظم الأجهزة والموصلات عديمة الفائدة والجدوى. تقدم الأندية الرياضية أجهزة تدريب تحتوي على موصل آيبود غير مستعمل، كما ما زالت أنظمة السيارات الصوتية تمتلك هذه الموصلات، وتحتوي أجهزة الراديو الثمينة في الفنادق الغالية على قواعد وموصلات لن تستعمل أبداً. وهو أمر مزعج لكل مَن يعنيه هذا الأمر ويشغله.

لكن، مثلما هو الأمر بالنسبة إلى الوكمان، فإنّ الأيبود جعل الموسيقى والصوتيات أمرًا محمولًا. والحياة، والحال كذلك، تكون أفضل جدًا حينما يمكننا اختيار المقطوعات الموسيقية.

 

- بقلم موردو ماكلود

المدونات المتعلقة

For better web experience, please use the website in portrait mode