من أعتاب مكّة المشرّفة إلى بلاد العجائب الطبيعية ليقود قاطرة متاحف ومعارض الحرمين
لحياكة ثوب الكعبة وكسوتها حكايات، ومفاتيح العمل بها له روايات مع شباب عملوا منذ أن كانوا أطفالًا، فكل واحد يسرد من شريط ذكرياته قصة التحاقه بهذا العمل العظيم، فهناك من تسلم دفّة العمل من والده، وآخرون تزاحموا لخدمة ستار الكعبة محبةً وإخلاصًا للدين الإسلامي الحنيف، فتلك الأنامل التي زيّنت قرّة العين "الكعبة" لضيوف الرحمن برعت في السباق لنيل الشرف العظيم، الذي بات تاريخًا عريقًا تتشابك به خيوط النسيج وحياكته.
تختلف الروايات والقصص التي تدور حول المنهمكين في خدمة الكعبة المشرّفة، بيد أن حكاية سطّام المطرفي، الذي يقف وسط الساحة الداخلية في مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) ليروي لزوّار المؤتمر الدولي للفن الإسلامي الذي انطلق تحت شعار "المَسجِد: إبداعُ القِطَع والشّكل والوَظِيفَة" بالشراكة مع جائزة عبداللطيف الفوزان لعمارة المساجد، تاريخ حياكة الثوب المشرّف للكعبة، فلم ينهر الأطفال من لمس الخيوط الذهبية التي تمر بمراحل عدة، وإنما يجلبهم إليه ليحدّثهم عن عشقه لخيوط ثوب الكعبة التي تبدأ بمرحلة الصباغة ومنها إلى النسيج الآلي، مرورًا بالطباعة، فما يستوقف ذهن الأطفال مرحلة تطريز المذهّبات، حيث يتم تطريز قطع الحرير بأسلاك الفضة التي تبدو مطلية بالذهب الخالص يدويًا، ويتم حشوها بالقطن لتبدو أكثر نفورًا، هنا تحديدًا تتراشق الأسئلة والاستفسارات على المطرفي، الذي يتسم بسعة صدره وهدوء كلماته التي ينعتها وهو يفخر بعمله لأغلى ثياب المعمورة، فيحاول أن يمنح الأطفال حقهم في الإجابة، مهما كانت اللغة.
سطّام المطرفي، بدأ العمل في صحن الكعبة بشكل جزئي منذ أن كان في المرحلة الثانوية قبل نحو 16 عامًا، متأثرًا بوالده، فلم ينهي دراسته الجامعية، إلا وأعتاب مكة تنتظره، فكان متلهفًا لخدمتها، حيث أصبح موظفًا رسميًا في إدارة "سقيا زمزم"، وأشرف على إدارة تطهير سجّاد الحرم المكي، وهذا وسامًا يضعه في مقدمة حديثه كلما روى قصته، ولأنه يطمح في نهل العلم، حزّم حقائبه متجهًا إلى دولة "عالم العجائب" أستراليا فهناك التحق بركب العلم في جامعة سيدني للتقنية، وأكمل دراسته في الماجستير بتخصص إدارة المعرفة، والنفس تتوق لرحاب مكة المكرمة.
فور عودته إلى "أطهر بقاع الأرض"، أخذ على عاتقه أن يكون خادمًا لها ولضيوفها، وأن يجوب العالم لنشر رسالة ثوب الكعبة، فتم تعيينه كمدير لإدارة التطوير ومنها مدير لإدارة التخطيط والإستراتيجية، إلى أن صدر قرار بتعيينه قائد مكتب تحقيق الرؤية في رئاسة شؤون الحرمين الشريفين، ولإصراره على تحقيق رسالته نال شرف التقدير وحصل على مسمى "الوكيل المساعد للمعارض والمتاحف"، فعمله يستند على التعريف بعمارة الحرمين عبر مرور الزمن، إلى جانب معارض متنقلة، تهدف إلى ابراز جهود المملكة العربية السعودية ورسالة الحرمين وهي رسالة الوسطية والاعتدال.
بقلم: سمية السماعيل