عن إثراء

يرحب إثراء بك في مغامرة جديدة وتجارب جديدة تغذي إبداعك وإلهامك وشغفك بالتعلم.

استكشف عن إثراء

عضوية إثراء

أبحر أنت وعائلتك في رحلة إلى عوالم الفن والثقافة والابتكار والكثير من عوالم المعرفة، واكتشف المكتبة…

استكشف عضوية إثراء

العلوم والسرعة.. ثنائيّة المستقبل

 

بينما تتسارع وتيرة التطوّر الذي يعرفه عالم اليوم، وتمتد تأثيراته إلى مختلف جوانب الحياة الإنسانيّة، ليس من المبالغة القول بأنّ العلوم والتكنولوجيا هي العصب الرئيسيّ لهذا التطوّر، وبأنّ الأنشطة العلميّة والتجريبيّة تُعَدُّ أبرز الطرق المؤدِّية إلى فهم حقيقة الكون والوصول إلى الحلول، التي لا تكتفي بجعل أدقّ تفاصيل الحياة أكثر سهولة، بل وتزيد من سرعتها وكفاءتها.

 

لم يأتِ إطلاق مصطلح "عصر السرعة" على العالم اليوم من فراغ، فقد أصبحت السرعة اليوم هي الكلمة السحريّة التي يمتدُّ تأثيرها على كلِّ شؤون الحياة. فأن تنجز أكثر في وقت أقلّ، هدف تتجند لتحقيقه كلُّ التقنيات والمنهجيّات والتجارب والدراسات، في مشهد تؤثثه مختبرات الأبحاث والأنشطة العلميّة. حيث تنصهر تخصُّصات: العلوم، والتكنولوجيا، والهندسة، والرياضيات، مع تجارب السرعة والتسارع، ويجد الدّارسون أنفسهم في خضمِّ تحدِّيات مثيرة، للوصول إلى أفضل الصيغ الممكنة؛ لتحقيق السرعة والكفاءة.

 

لطالما ارتبط التطوّر العلميّ والتكنولوجيّ بالسرعة، حتى ليكاد المصطلحان يكون كلٌّ منهما مرادفًا للآخر. ولطالما كانت العلاقة بينهما تبادليّة يصعب فكّ اشتباكها. فمنذ أن وضع الإنسان يده على أول مفاتيح السرعة باختراعه الآلة، تحوّل الزمن من رقم ثابت لا يمكن كسر رتابته، إلى متغيّر يكتسب كلَّ يوم مساحة جديدة، تستوعب كلَّ ما يمكن أن يصل إليه العقل البشريّ من خلق وإبداع، وتفتح الباب على مصراعيه أمام تطوّرات علميّة وتكنولوجيّة بلا حدود. وبدورها تبحث التجارب والأنشطة العلميّة عن الوصول إلى أفضل سرعة ممكنة، وتعمل في سبيل ذلك على ابتكار منهجيّات تجريبيّة وتحدّيات علميّة، لمعرفة أفضل القياسات والتصميمات والأشكال والكميّات والمعايير، وتطبيق المبادئ العلميّة المناسبة، التي تؤدي إلى تحقيق هذه الغاية.

 

وفي مختبرات الأنشطة العلميّة، حيث تتمازج المناهج التعليميّة للعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) مع التحديات والأنشطة التجريبيّة، يجد الدارسون، منذ نعومة أظافرهم، المجال لاستكشاف أدوات البحث، واكتساب مهارات حلّ المشكلات واتخاذ القرارات المناسبة، والخلوص من التجربة إلى النتيجة، وملاحظة العلاقات بين الأشياء وطبيعة التفاعل فيما بينها، وجمع البيانات والتعامل معها. تمثل التحدّيات التي يواجهها الأطفال، في هذه التجربة الفريدة، فرصة لوضع منهجيّات التفكير العلميّ والتقنيات العمليّة موضع التنفيذ للوصول إلى أفضل النتائج الممكنة، التي عادة ما تكون السرعة من أبرزها.

 

على سبيل المثال، يتمثل نشاط سرعة السيارة في اختبار تعديلات مختلفة عليها وعلى محيطها؛ لمعرفة مدى إمكانية الوصول بها إلى سرعة أكبر، ويقوم الطفل خلال التجربة بتحديد المتغيّرات، وتغيير شيء واحد في كلِّ مرّة لدراسة تأثيره: كالعجلات، وطول السيارة، بالاستعانة بتقنيات القياس والحساب، كاستخدام ساعة الإيقاف في الهاتف لقياس الزمن، والآلة الحاسبة لحساب السرعة. وتشمل السرعة مفاهيم أخرى غير التسارع الفيزيائيّ، إذ يمكن أيضًا قياس سرعة الإنتاج والوصول إلى تحسين الهندسة الإنتاجيّة، من خلال دراسة نشاط معين وتحديد متغيراته، وتجربة تقنيات مختلفة خلال عمليّة القيام به، كإضافة مرحلة للفرز، أو إعادة توزيع المهام أو ترتيبها، أو استخدام أدوات مساعدة، وقياس المدّة الزمنيّة في كلّ مرّة، للوصول إلى أفضل طريقة ممكنة لتحقيق النشاط بسرعة وفاعليّة. ويمكن القول إن هذه التجارب العلميّة والتحديات، لها أكبر الأثر في فهم الطفل لطبيعة العلاقة بين المادة والزمن، وترسيخ مفهوم السرعة في العقل البشريّ، باعتبارها هدفًا أساسيًّا، وغاية يسعى اللاوعي إلى تحقيقها في أبسط تفاصيل الحياة.

 

لا شكّ أنّ للعلوم أكبر الأثر في حياة الإنسان وخروجها من حالة الجمود إلى آفاق التطور اللامحدودة، إذ كانت دائمًا تلعب دور الوقود الذي يدفع البشريّة إلى الأمام، ويقدّم الحلول ويرسم ملامح المستقبل. وإنّ المتأمّل في هذه السيرورة ليرى بوضوح ذلك الطابع التسارعيّ الذي تتّصف به، والذي يحوّلها شيئًا فشيئًا إلى دائرة مفرغة لا نهائيّة، يتقلّب فيها الإنسان بين معارفه وعلومه، ويسابق الزمن في كلِّ مرّة بشكل أكثر إدهاشًا من ذي قبل.

 

 

 


 


 

المدونات المتعلقة

For better web experience, please use the website in portrait mode