معرض "ذاكرة صوتية سعودية" يحافظ على وهج الأغنيات الوطنية لتلامس وجدان الأجيال
بتفاصيل تعود لستينات والسبعينات من القرن الماضي، يفتتح معرض "ذاكرة صوتية سعودية" أبوابه في مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)، تزامنًا مع اليوم الوطني السعودي 92، فالتلفزيونات بشاشات صغيرة وأزرار عتيقة ذات أحجام متواضعة للغاية، تكشف الغطاء عن تاريخ الأغنيات الوطنية التي كانت تبث من خلالها، فتقاعد الجهاز التلفزيوني القديم لا يعني إلغاء سنوات الخدمة التي امتدت إلى ما قبل عام 1960م، واستقر به الحال إلى يومنا هذا.
كل شاشة من الشاشات المعروضة تروي حكاية لعمالقة الشاشة كالفنان الراحل طلال مدّاح الذي يختزل تاريخه بذاكرة صوتية، فهناك معروضات تدل على أول أغنية وطنية سعودية تبث عبر التلفزيون السعودي، بيد أنه لم تكن الإذاعة تبث سوى الأناشيد وتسجيلها حدثًا تاريخيًا فحملت عنوان "وطني الحبيب" للمؤلف مصطفى بليلة وغناء طلال مدّاح، فيما ترتبط أغنية "بلادي منار الهدى" والتي تعود لعام 1975م، للفنان سراج عمر، بتاريخ عريق للملك فيصل بن عبد العزيز منذ تسلمه زمام الحكم وحتى وفاته -رحمه الله- فوجّه سراج عمر مشاعر حزنه لوفاة الملك فيصل آنذاك عبر إنتاج تلك الأغنية إلى أن أصبحت إرثًا ثقافيًا خالدًا تتناقلها الأجيال، ولم ينتهي مخزون تلك الأغاني التي كانت تبث بشاشات صغيرة مكونة من لونين هما الأسود والأبيض، فالزائر للمعرض بإمكانه مشاهدة تاريخ أغنية "يا رفيع التاج" التي أنتجت عام 1964م، للفنان محمد عبد الوهاب، فلم تنأى تلك الكلمات عن غيرها لما لها من ارتباط بتاريخ المملكة العربية السعودية، إذ كانت لزيارة الملك عبد العزيز المؤسس – رحمه الله – إلى جمهورية مصر العربية تأثير تاريخي ومفصلي للدولتين، فسجّلت وسائل الإعلام في ذلك الوقت حيثيات الزيارة الرسمية التاريخية للملك المؤسس، ومن بين ما تم إعداده من قبل الجانب المصري لتلك الزيارة أغنية "يا رفيع التاج" حيث لحّنها وغنّاها الموسيقار المصري محمد عبد الوهاب.
ويستكمل المعرض رحلة الشاشات الصغيرة التي بثت الأغنيات القديمة، ويأتي في مقدمة المعرض تاريخ السلام الملكي السعودي للمؤلف عبد الرحمن الخطيب وكيفية تطويره من قبل طارق عبد الحكيم في عام 1946م، حيث يروي تفاصيل تطويره ومراحل أدائه، مع الجهود التي بُذلت من أجل نشره على رغم من صعوبات كانت تواجه إمكانيات التلفزيون القديم، ناهيك عن الترقيات الذي حظي بها عبد الحكيم لاهتمامه بالموسيقى العسكرية والمعزوفات المصاحبة لها.
ولأن للموسيقى الشعبية ذاكرة تختزل حضارة الأمم والشعوب، حرص القائمون على المعرض في مركز "إثراء" على نشر محطات وجسور حول كل مرحلة أو حقبة زمنية لكي تكون بمثابة توهّج يشق الطريق نحو مستقبل زاهر مليء بكنوز المعرفة، باعتبار ذلك ضمن مراحل بناء التاريخ التي تسبغ البهجة على الثقافة، فالموسيقى تعمد دومًا لتحريك المشاعر وتخليد الذكريات، ولطالما ارتبطت بمحاكاة الحداثة والماضي لصناعة الحدث بمكونات مألوفة من داخل عالم الغناء والطرب.
بقلم: سمية السماعيل