عن إثراء

يرحب إثراء بك في مغامرة جديدة وتجارب جديدة تغذي إبداعك وإلهامك وشغفك بالتعلم.

استكشف عن إثراء

عضوية إثراء

أبحر أنت وعائلتك في رحلة إلى عوالم الفن والثقافة والابتكار والكثير من عوالم المعرفة، واكتشف المكتبة…

استكشف عضوية إثراء

توقفنا عند إشارة مرور في انتظار انطلاقة جديدة

 

 

ردّة الفعل الأولى كانت تقبّل الأمر والالتزام بالتعليمات الصحيّة، لكن عندما تفاقم الوضع، بدأت أشعر بنوع من الخوف.

بوصفي إنسانًا - وكغيري من الناس - لم أتمكن من استيعاب التغيير المفاجئ في حياتنا. فنحن اعتدنا الحريّة، وتوافر خيارات: الخروج، ولقاء الأصدقاء، والسفر. والآن نحن في حالة إغلاق كامل. أما بوصفي فنانًا، فهذه حكاية أخرى!

كانت هناك أكثر من جهة "تغرّد" في مجال الفنون والثقافة. فهيئة الترفيه كانت تبذل جهودًا "خرافيّة"، أنا شخصيًّا قدّمتُ ثمانية عروض، بما فيها ثلاثة سباقات ألوان  (color run) وأربعة عروض كوميديّة فرديّة (ستاند أب). لقد عملت على نشاطات كثيرة لموسم الرياض وحده.

وأيضًا وزارة الثقافة كانت متألقة بفعالياتها. وافتتاح المسرح الوطنيّ السعوديّ أسعدني كثيرًا، فأنا ابن المسرح، و لديّ تواصل شخصيّ وعاطفيّ وروحانيّ معه، لقد كانت تلك خطوة رائعة. وكذلك إعلان الوزارة عن افتتاح هيئات للموسيقى والفنون الأدائيّة وغيرها. هذه الخطوات كانت جميلة، والعجلة كانت تسير بوتيرة سريعة، تجعلك لا تستوعب ما يحدث. الجهود التي بذلت أفرحتنا كثيرًا: فنانينَ ومتابعينَ.

وجاءت الجائحة فتغير كل شيء، في البداية، اعتقدت أنها مسألة أسبوع أو أسبوعين وسيتوصلون إلى علاج. ثم امتد الأمر لشهر وشهرين، والآن لا نعرف ماذا سيحصل.

فها أنا حاليًّا موجود في أبوظبي، حيث كنت أقم بتصوير قبل الجائحة، واضطررنا للتوقف.

وفي "بيت الكوميديا" كنّا على وشك بدء موسمنا الثالث، وتقديم كوكبة من عروض"ستاند أب كوميدي"، والمسرحيات، وإحضار نجوم كوميديا من الخارج، فتوقّفت كل الخطط.  ولعل أكثر ما أزعجني هو بعدي عن الناس، فكما يقول المثل "الجنة من دون ناس ما تنداس"، وإنّ تفاعل الجمهور معنا على المسرح يمدنا بالطاقة، تمامًا كالوقود للسيارة.

أما الآن، فنحاول استعادة ما في ذاكرتنا من تلك التجارب عن طريق تقنية "تريغر ميموري". فعند تمثيل مشهد يجب أن نكون فيه متوترين، نحاول استذكار مواقف دفعتنا إلى التوتر كي نعيش المشهد فعلًا، ونؤديه كما يجب.

لكن - وبرغم كل الظروف - لديّ طاقة إيجابيّة وتفاؤل، وأرى أننا توقفنا عند إشارة مرور بانتظار انطلاقة جديدة.

فبالتعاون مع شريكي في "بيت الكوميديا" طلال العنزي، نقوم الآن بنشر المحتوى القديم والجديد إلكترونيًا (أونلاين)، على منصاتنا في مواقع التواصل الاجتماعيّ. ونحاول تطوير محتوى جديد يواكب المرحلة، فلدينا منصّة، أو قناة رسمية في سناب تشات، كما بات لدينا مؤخرًا قناة في تيك توك، إضافة طبعًا إلى يوتيوب وتويتر وإنستجرام، والآن نحمّل فيديوهات على هذه المنصّات بشكل أسبوعيّ، ونحرص على أن تتضمّن جميعها هاشتاغ ورسالة "خلّك في البيت" و"كلنا مسؤول"، مواكبة للتوجيهات في هذا المجال.

 ولا أخفي عليكم أنَّ للجائحة أوجهًا إيجابيّة. فهي كانت بمثابة صفعة على الوجه، "صفعة" أعادت الجميع إلى واقع الحياة، وتعلمنا أن نقدِر الأشياء الصغيرة التي اعتدنا التذمّر منها.  ومن كان لديهم كِبر في الفن، تعلموا التواضع الآن، فيروس كورونا أعادهم إلى واقع الحياة، إذا صحّ التعبير.

لقد اغتنمت هذه الفترة لمتابعة ما يحدث على نطاق عالميٍّ، تابعت مسلسل "باري" من كتابة وإنتاج وإخراج فنان أميركي اسمه بيل هيدر. مسلسل جميل جدًا من موسمين، يحكي قصة قاتل مأجور أصبح ممثلًا بالصدفة، ويعلمنا كيف يحوّل التمثيل إنسانًا ما إلى شخص أفضل، وكيف يُهذّب بعض عاداته السيئة، وهذا ما أعتقد أنه واقعيّ، فالمسرح يهذّب الفنان، والإنسان بشكلٍ عام.

وبالنسبة للمستقبل، فلا شك  في أن مسألة استمراريّة الدخل الماديّ أمر مقلق، إلا أنني على ثقة من أنّ: هيئة الترفيه، ووزارة الثقافة، وغيرها من الجهات المعنية بقطاع الثقافة والفنون - كمركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي –(إثراء)، ستعمل ما بوسعها لدعم المبدعين.

وبوصفنا فنانين علينا التفكير في حلول بديلة، فالفنان لا يستطيع التوقف عن ممارسة فنّه، وهناك تجارب ناجحة عبر استخدام وسائل التواصل الاجتماعيّ. أذكر أنه كانت هناك ثورة في برامج يوتيوب السعوديّة منذ 2010، وقد حققت نجاحات عربيّة وحتى عالميّة من حيث المشاهدات. تويتر أيضًا استخدمه المؤثرون السعوديّون بشكل رائع، وكان لهم حضور قويّ على المنصّة. هناك حساب أتابعه يوميًّا، يمتاز بمحتوى ثقافيّ، وفلسفيّ، واجتماعيّ، اسمه "معنا" نشاطه يوميّ.

كما أنّ هناك عدة سبل أخرى تُناقَش من قبل المبدعين، منها عروض مباشرة عبر المنصّات الافتراضيّة (أونلاين). لكن المهم هو التركيز على الارتقاء بالمحتوى وحسن استخدام المنصة.

أمّا بالنسبة لنجاح المبدعين - وبغض النظر عن المنصّة الافتراضية المستخدمة، والتي يمكن أن تختفيَ أو تتغير خلال وقت قصير - فهناك شروط أساسية.

وهنا استحضر ما قاله الممثل الأميركيّ كيفن سبيسي (Kevin Spacey)  خلال ورشة عمل شاركت فيها بعام 2015م، حيث قال لنا: "إذا كان الموهوب يريد الوصول إلى النجاح، يجب أن تتوافر له أربعة شروط، وهي بالترتيب حسب الأولوية: التمتّع بعلاقات (Connections)، الحظ، العمل الدؤوب، وأخيرًا الموهبة".

 

 

 

 

 

 

 

 بقلم: إبراهيم الحجاج.

ممثل كوميدي ومسرحيّ

 

 هذه المقابلة بين إثراء و (مجموعة من الضيوف) هي جزء من سلسلة حوارات حول تأثير جائحة كورونا، ومستقبل الصناعة الإبداعية.

 

أخبار ذات صلة

For better web experience, please use the website in portrait mode