بمشاركة مفكرين وشعراء وروائيين محليين ودوليين
"إثراء" يجمع النخب الفكرية ويستطلع مستقبل الأدب العربي حفاظًا على هويته
الظهران-
رفض أدباء ونقّاد شعراء وروائيين خلال جلسة حوارية بعنوان (لماذا نقرأ الأدب؟) أقامها مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)، ضمن فعاليات برنامج القراءة (أقرأ)، مساء يوم الجمعة الماضي، محاكمة الأدب بمعايير أخلاقية بمحاولة لإلغاء الطبقية في الأعمال الأدبية لاسيما العميقة منها، وقدّم الجلسة 3 متحدثون مختصون أجمعوا بأن "قيمة الفّن لا علاقة لها بالوسيلة التي يعبّر بها"، مشددين على أن الأدب حاضر غير مهدد بالاندثار والحافظ له إنسانية البشر.
واستهل مدير البرامج في "إثراء" الدكتور أشرف فقيه الجلسة التي أدارها المستشار الثقافي في المركز طارق الخواجي موجهًا التحية والتقدير لنخبة المثقفين العرب والغرب، كما أشار إلى ما تصبو إليه القراءة في ظلّ عصر حافل بالمشتتات، فجودة القراءة وقيمتها مع قوة الكلمة باتت إيمانًا لكل قارئًا شغوفًا يبحث عن تنمية ذاته ويسعى إلى فك الحرف والحفر بالسماء مقتبسًا من الضياء.
أبعاد فلسفية
وسرد المشاركون أسباب قراءة الأدب والرواية والشعر، إذ كشف الناقد والمفكر السعودي الدكتور سعد البازعي، بأن "السؤال حول أسباب قراءة الأدب يؤدي إلى سؤال معرفة ماهية الأدب، ما يجبرنا على الدخول من بوابة بلغة أكثر بساطة بعيدًا عن الفلسفة، فما يجعلنا بحاجة إلى فنون الأدب هو الإضاءات التي تتناثر في ثنايا الروايات وتقنيات سردها مع كيفية إخراجها والسيناريو المصاحب لها مع إخراجها، فجميع ما ذكر وجوه تمنح للفن هويته"، مستعرضًا القواسم المشتركة في الأدب على الرغم من اختلاف أنواعه، فهو ليس علم ولا فنّ ويبعد عند الفلسفة، إذ يسير بكوامن شعرية نثرية، يرافقها إضاءات تعرج بالتطلّعات الأدبية إلى عوالم مختلفة ربما تصل إلى أبعاد فلسفية عميقة.
الشعر حافظ اللغة
فيما أوعزت الشاعرة السودانية روضة الحاج، أسباب قراءة الشعر إلى إجابة للناقد البريطاني سي إز لويس، الذي قال بأن قراءة الشعر كما هو سماء الليل فالقارئ يصبح ألف شخص يرى بأعين لا تعد ولا تحصى، فنقرأه لأن المكانة التي نصل إليها في الذات البشرية لا يصل إليها سوى الشعر فالكلمات واللغة تتصف بالحياد، لذلك يمكن القول بأن "الشعر حافظ اللغة يعزز من الشعور في المشاركة على الرغم من التقاطعات التاريخية التي يحملها في قوالبه".
تناقل الأدب
لم تتخذ رأى ذات منحى مغاير الروائية الكويتية بثينة العيسى، فقراءة الرواية تؤدي إلى تعدد في المنظور مما يستلزم الاحتفاء بطبيعة الوجود داخل العالم المدهش، في حين تذهب الرواية بقارئها إلى مخيّلة ربما تعيد له الواقع من جديد، لذلك فهي تجربة تحوّل عميقة تسهم في التغيير باللغة والتفكير، قائلة: "من يقرأ فنون الأدب بكثافة قد يصاب بحالة من الملل هكذا يُقال، فالقراءة بطريقة مبرمجة تؤدي إلى عدم الاستيعاب وتلك مشكلة فردية"، فيما يحذر الدكتور البازعي من إضاعة الوقت في القراءة غير المجدية، موضحًا" الأدب ليس مضيعة للوقت وهو ليست حقائق علمية فالكاتبة الفرنسية سوزان نبار تتمسك بمقولة تعني بها بأن الأدب حاضر يتناقل والحافظ له إنسانيتنا وعاطفتنا، فغالبًا ما نواجه إشكاليات الحياة بالتعبير".
العلماء والأدب
وشددت الشاعرة روضة الحاج، في معرض حديثها على أنه بالعودة إلى تاريخ العلماء المهتمين في علم الفيزياء والكيمياء وغيرها من شتى أنواع العلوم، نلمس ثمة اهتمام في الفنون والأدب والمسرح، التي تمنحهم مهارات الحياة والتدريب على الخيال، ويمكننا القول بأن لا تقاطعات بين المخترعين والأدباء، فالأدب لم يقف حائلًا أمام المجالات العلمية، وشاطرتها الرأي العيسى قائلة "الأدب لن يُلغى نظير تنوّع المشتتات فهناك اتساع في رقعة القراءة، بيد أن القراءة أقل الوسائل تكلفة لتنمية الذات".