معرض"من الأرض" في "إثراء" يُلهمنا لتعزيز الانتماء لجذورنا

الظهران -

يُسلَّط معرض "من الأرض" الذي ينظمه مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء) بالتعاون مع جمعية الثقافة والفنون بالدمام؛ الضوء على علاقتنا بالطبيعة، وذلك من خلال مجموعة من الأعمال الفنية المتنوعة لـ32 فنانًا سعوديًا، والذين اختاروا الوسيلة الفنية التي يفضلونها لاستكشاف علاقتهم الشخصية بأرضهم في أعمالهم. وتعددت هذه الوسائل لتأخذ أشكالًا مختلفة؛ فمنها ما شمل فنون صوتية، ولوحات تشكيلية بألوان الإكريليك، وكذلك الأعمال التركيبية، حيث توفر هذه الأعمال لزائري المعرض فرصة خوض تجربة تعلم وصياغة وجهات نظر فريدة من نوعها عن الطبيعة وتأثيرها علينا.

تُلهم القطع المتنوعة في معرض "من الأرض" الزوار لكي يتأملوا في الأماكن الطبيعية المختلفة في المملكة العربية السعودية وماذا تعنيه هذه الأماكن للفنانين والفنانات المختلفون التي تُعرض أعمالهم في المعرض.

وإحدى هذه الأعمال لوحة "أبواب وشبابيك"، وهي عبارة عن لوحة مرسومة بالألوان الزيتية الزاهية لأبواب ونوافذ تحرك مشاعر الحنين لدى المُشاهد، حيث كانت تتواجد في الشوارع والبيوت القديمة في مدينة جدة، ومشهد الحنين هذا كان معروفاً لأي أحد عاش خلال فترة الستينات والسبعينات في جدة. تقول فنانة اللوحة خلود العمري: "هذه البيوت جزء من الأرض يجب أن تترسخ في الذاكرة الفنية كي لا ننسى كيف كنا وكيف صرنا"،  وتركز الفنانة في أعمالها على تسليط الضوء على المنازل الشعبية في وسط وجنوب جدة. وتضيف قائلة: "جاءت فكرة لوحة "أبواب وشبابيك" من حكايا الجدات والآباء والأمهات ومن صور الذكريات التي يحتفظون بها من أيام البساطة".

ونجد على الجانب الآخر من المعرض الأخصائي النفسي والفنان عبدالكريم قاسم، وعمله الفني الذي يجسد من خلاله الموروث الزراعي لأهل عسير، حيث يستكشف عمله التركيبي بالمعرض الذي يسمى "الدبّاء" التاريخ الشفوي لإحدى القصص الشعبية في عسير التي تروي قصة عادات الزراعة لأهل المنطقة. ويشرح الفنان عملية صنع العمل، قائلًا: "عملية صناعة العمل تستغرق وقت طويل كعمل فني معاصر يعتمد على البحث الفني والتجريب حتى تصل للمفهوم والشكل البصري المأمول للعرض النهائي". ويضيف الفنان: "يوثق عمل (الدبّاء) علاقة المجتمع بالموروث الزراعي عن طريق الروايات الشفوية المتوارثة والتي تحمل في طياتها جانب من موروث سكان المنطقة الثقافي، حيث يركز على ممارسات علم الفلك الزراعي في منطقة عسير من خلال تلك الروايات التي تذكر كيف استدلوا بمعرفتهم بعلم الفلك الزراعي ومواقع النجوم على الأوقات الصالحة للزراعة والحصاد".

ومن بين الصور الفوتوغرافية التي تُعرض في معرض"من الأرض"، تركز صورة المصور محمد الجبران التي تدعى "المشموم" على نبات المشموم أو "الريحان" زكي الرائحة ذو الاستخدامات العديدة في كلًا من أفراح وأحزان أهل الأحساء. ويشرح المصور سبب اختياره هذه النبتة، قائلًا: "اخترت أن أسلط الضوء على نبات المشموم لأنه نبات غني بالدلالات الثقافية والروحية. كما أنه نبات له رائحة جميلة تبعث على الراحة والاسترخاء. اخترته أيضاً لأنه نبات شائع في المنطقة التي أعيش فيها، وكمحاولة لتذكير الناس أن يستريحوا من هلع حياتنا الحديثة وأن يقفوا ليشتموا المشموم".

وفي زاوية أخرى من المعرض، تأخذ علاقتنا مع الأرض والطبيعة شكلًا مختلفًا يميل للعاطفة أكثر في العمل الفني المسمى "أول مرة" للفنانة لمى العجلان. تشبّه العجلان الأرض بالأم الحنونة التي توثّق الذكريات الأولى لطفلها، من خلال 70 لوحة قماشية رُسمت عليها رسومات حديثة مستعينةً بأسلوب الرسوم الصخرية المتواجدة في جنوب غرب المملكة. تشرح العجلان سبب اختيارها الرسومات الصخرية للتعبير عن هذه الفكرة، قائلة: "سبب اختياري للرسوم الصخرية أولًا لحبي للفن التجريدي كمدرسة فنية، ولاهتمامي بالحضارات السابقة والإنسان القديم ثانيًا، كما اخترت منطقة حمى تحديدًا لكونها مسجلة حديثًا كسادس موقع ثقافي في المملكة ينضم لقائمة اليونسكو للتراث العالمي لاحتواء المنطقة على عدد هائل من الرسوم والنقوش الصخرية، وكانت موضوع بحث التخرج الخاص بي".

وتعلق الفنانة على دلالات عملها الفني، قائلة: "مثل الأم مع ذكريات طفلها، شهدت الأرض بجبالها وصخورها التاريخ الإنساني كاملًا ووثقت أول محاولات الإنسان للكتابة والصيد وغيرها من الأنشطة".

يضم معرض "من الأرض" العديد من الأعمال الفنية التي تروي قصص الناس الساحرة مع الطبيعة، والتي تدفعنا إلى التمعن في الطبيعة الموجودة حولنا وخلق نوع جديد من الوعي والامتنان لجذورنا. يشار إلى أن المعرض سيستمر باستقبال الزوار حتى 26 من شهر سبتمبر المقبل.

أخبار ذات صلة

For better web experience, please use the website in portrait mode