"تحية الحجاج" تسرد الموروث الشعبي لدول عربية
بحناجر المؤذنين وانسيابية الآذان انطلقت لحظة العيد الكبرى في إثراء بحضور 52,000 زائر
بأنفاس تملؤها الروحانية وأصوات ومقامات متنوّعة، انطلقت فعاليات عيد الأضحى المبارك في مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) على مدى 3 أيام، متمثلة في اللحظة الكبرى التي التفّت داخل بلازا إثراء لتجمع الجمهور على صوت الآذان بحناجر متنوّعة تمثّل العديد من المقامات الصوتية، كما احتفى جمهور عيد إثراء بالإرث التاريخي للعديد من الدول العربية وبلمسة فنّية تكشف عن كيفية استقبال وتوديع حجاج تلك الدول، جمعت بين الجوانب الحضارية بهوية بصرية.
وبحضور أكثر من 52,000 زائر وتحت شعار "العطاء" توزعت الفعاليات الحيّة والعروض الأدائية التي شكّلت صور دمجت بين رحلة الحج قديمًا وما آلت إليه الصورة الحديثة في الوقت الحالي ليصبح أعظم ركن من أركان الإسلام أكثر يسرًا من السابق في ظل منظومة الخدمات و سُبل الراحة المبتكرة، وذلك بحسب العرض المسرحي "الرحلة" الذي نقل المتفرجين إلى مراحل أداء الفريضة؛ لتجسيد مناسك الحج ورحلة المُلبين مستلهمًا ذلك من أعمالًا فنّية تقدم نظرة عميقة مغايرة ما بين الماضي والوقت الحاضر، فيما انبثق العرض الأدائي بعنوان "منك إليك" من قصة أخوين شغوفين يكشفان عن مفهوم العطاء وما يمكن أن يحققه من معانٍ إنسانية ورؤية ثرية بحسب تعبيرهما.
وفي الحديث عن اللوحة التعبيرية البصرية للفرق الأدائية التي قدّمت أناشيد ذات موروث شعبي تعكس نبض ثقافة كل دولة، وصف العديد من الحضور بأن الأداء ما هو إلا جزء من الثقافة النابعة من عادات وتقاليد الشعوب يشكّل حالة من الارتواء الروحي بما ينسجم مع روحانية شهر ذو الحجة، وبحسب الزائر أنور زكاتي فإن ذلك يعزز من إنتماء الأطفال إلى هوياتهم، مبينًا :"أبنائي لا يدركون ماهية مراسم ترحيب وتوديع الحجاج في بلدنا السودان، وبهذه اللوحة الأدائية استشعرت أهمية قيمة التأثير على مخزونهم الثقافي"، وشاطره الرأي زائر آخر من جمهورية مصر معتبرًا أن "المؤثر البصري للموروث الشعبي وسيلة استيعاب لمحاكاة المفاهيم المكانية بطرق مؤثرة حيث ينسج الأداء إطار زمني لتوديع واستقبال الحجاج كلًا حسب عاداته وتقاليده في بلده، فيتدفق للمتلقي شعور الإنتماء وكأنه يطأ أرض بلاده". ومن مصر والسودان انتقل الزوّار إلى جمهورية سورية التي أخذتهم إلى أبعاد الحضن الدمشقي وما ينشده المستقبلين لحظة وصول قوافل حجيجهم ما عزز الانغماس بروحانية أعظم شعائر أركان الإسلام وهي فريضة الحج.
ولم يلبث الزوّار الإنتهاء من عروض وتجارب أدائية حيّة إلا وأخرى بطريقهم، حيث بلغ عدد الفعاليات 25 فعالية، ففي مكتبة إثراء يزدحم الأطفال للدخول في غمار المسابقات التي تدور حول تاريخ الكعبة والحج وكل ما يتعلق بشهر ذو الحجة وما يمر به الحجاج منذ مغادرة بلادهم وحتى لحظة طواف الوداع للبيت الحرام مرورًا بقوافل الحجاج على مر السنوات ومدة وصولهم إلى أطهر بقاع الأرض، حيث تسابق الأطفال وسط أجواء أنعشت ذاكرتهم وضاعفت معرفتهم فيما اتجهت أنظار فئات عمرية أخرى إلى توثيق لحظات العيد في إثراء عبر صور تذكارية مستكملين سيرهم لزيارة معرض "مساجد تُشد إليها الرحال" الذي جمع بين الفنّ المعاصر و الإرث الإسلامي و نوادر المخطوطات للمسجد الحرام و المسجد النبوي و المسجد الأقصى.