كيف ستنجو الثقافة من الوباء العالمي

 

 

في عالم يبدو منقسم بصورة متزايدة، فإنّ من المفارقة أنّ الأمر استلزمَ جائحة عالمية لتوحّدنا معًا. وفي حين أنه لا يمكننا محاولة تعميم الطبيعة الشخصيّة حول تجربة كلّ شخص في الحياة خلال عصر الكورونا، غير أنّ القاسم المشترك في مضمون عام 2020م، هو الفيروس الذي أجبر الإنسانية على التكيف مع طرق جديدة للعيش في هذا العالم.

لقد توقّف العمل واللعب وكل ما بينهما -فقد أصبحت الحياة التي اعتدنا عليها شيئًا من الماضي، حتى الأمور الروتينية التي اعتدنا عليها كالمصافحة، والاجتماع مع الآخرين، والسفر، جعلتنا الجائحة في هذا العام نشعر بقيمتها. ولقد كان من السهل في بداية إدراكنا لتأثير جائحة كورونا( كوفيد – 19) أن نستهزئ قائلين إن الأشخاص الانطوائيين قد أمضوا حياتهم ينتظرون هذه اللحظة، حتى أدركنا أن العالم كله قد أُغلق، وانهارت الأعمال، وفُقدت الأرواح.

إن الأمر الوحيد الذي يمكن أن يخفّف من قسوة هذا الواقع، هو معرفة أن هذه تجربة استثنائية مشتركة في بعض النواحي، حيث أننا انضممنا جميعًا في عزلنا المفروض علينا، وتعاوننا على تطبيق التباعد الاجتماعي فيما بيننا، فنحن معًا، متباعدين..

وتنعكس هذه الفكرة في عنوان سلسلة مقابلات أجراها مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) مع فنانين ومبدعين لمعرفة كيف تعامل الناشطون في المجال الثقافيّ مع فيروس كورونا والإغلاق الذي حدث على إثره، فنحن مرتبطون بالاقتصاد الإبداعي، ومهتمون برسم صورة توضيحية بشأن تأثير جائحة كورونا بشكل مباشر على هذا القطاع في العالم العربي تحديدًا؛ للمساعدة في تقديم فهم أفضل للفرص والتحديات التي يواجهها حاليًا الفنانون، والصناعات الإبداعية عمومًا، كما يتضمن المشروع مقابلات مفصلة مع فنانين وأمناء المتاحف وكتّاب وشعراء وصانعي أفلام وممثلين وغيرهم.

كما سعت دراسة مركز "إثراء" النوعية إلى تحديد خطورة الوضع، حيث يهدف هذا المشروع إلى تحديد الدعم الذي تحتاجه الصناعة، بالإضافة إلى إيجاد الإيجابيات التي يمكن أن تنتج عن ذلك. وفي الختام، نحن نأمل بأن نحصل على أجوبة حول ما يلزمنا القيام به لتغيير الوضع، وإعادة توجيه مجتمعاتنا الفنية التي كانت نامية إلى طريق النجاح مرة أخرى.

وقد أعربَ جميع ضيوف المقابلات عن التفاؤل الذي شعروا به مَطلع العام، وعن كيفية تغير ذلك بسرعة بعد أن وجهت الجائحة ضربة صاعقة لكافّة الصناعات، بما في ذلك جميع قطاعات الاقتصاد الإبداعي، حيث كان التأثير الأكبر والأصعب من الناحية المادية، مع جفاف جميع المصادر التقليدية التي كانت تسهم في تأمين الدخل المادي، ولعلّ ما يدعو للاهتمام هو عدم توقع المشاركين إيجاد الحلول في ظلّ هذه الأزمة خلال المستقبل القريب بعد تسهيل إجراءات الإغلاق.

إنّ العامل المشتركة كان الانغماس في التقنية التي قامت بتوفيرها المنصات الرقمية، حيث برز أحد الأمور الإيجابية القليلة ضمن ذلك الوضع، وهو الفرص التي أتيحت للفنانين ليصبحوا أكثر عمقًا، وأن يتوقفوا ويتفكروا في عملهم وموقفهم ومسارهم المهني ضمن الفن والثقافة، حتى أصبحت ابتكارات الفنانين الحالية شخصية بشكل أكبر من أي وقت مضى.

وعلى مدار الأسابيع القادمة، سيقوم مركز "إثراء" بنشر مقتطفات من هذه المقابلات التي شكلت أساس للدراسة ضمن سلسلة عنوانها "معًا، متباعدين"، حيث يشارك هؤلاء المبدعون تجاربهم الشخصية التي تعبر عن الحقيقة بأكملها.

 

تتضمن المقابلات مجموعة من اللقاءات مع كل من بسمة الشثري، مشرفة معهد مسك للفنون والممثل والكوميدي إبراهيم الحجاج، الكاتبة الفنية ميليسا غرونلوند، أحمد الملا (شاعر وصانع أفلام ومدير مهرجان الأفلام السعودي وجمعية الثقافة والفنون السعودية)، وصانع الأفلام علي السمين، والمشرفة مايا الخليل، مديرة المعارض عليا فتوح والناقدة الفنية ريبيكا آن بروكتور والفنان فيصل سمرة.

انضموا إلينا ونحن نغوص في قصصهم. معًا، لكننا أيضًا متباعدين..

 

 

رانيا بلتاجي

رئيسة قسم التواصل والشراكات في مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي

 

أخبار ذات صلة

For better web experience, please use the website in portrait mode