عندما تتحدث الموسيقى: معزوفة كورونا لـ رولا سلطان.

رسالة إلى الأرض تطلقها رولا سلطان:

 

 

رولا سلطان عازفة بيانو وملحنة من أصول فلسطينية عاشت حياتها في المملكة العربية السعودية، وبدأت بأخذ الموسيقى على محمل الجد من الناحية الاحترافية والمهنية في السنوات الأخيرة الماضية عندما بدأت المملكة بدعم الفن والفنانين، في ذلك الوقت انتقلت سلطان من تخصصها، التي كانت تدرسه وهو نظم معلومات إلى العمل الحر كعازفة بيانو، حيث كانت تعزفُ بشكل دوري في مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) في الظهران، السعودية.

 

وكنتيجة مباشرة لجائحة فيروس كورونا المستجد، يقوم الموسيقيون حول العالم بتسجيل أعمالهم ونشرها على الإنترنت من خلال منصة اليوتيوب، والفيس بوك وغيرها من منصات التواصل الاجتماعي، وكمقطوعة موسيقية مهمة وموجهة بشكل مباشر نحو فيروس كورونا فهي تُطلق "رسالة إلى الأرض"، حيث ضمنت سلطان نصاً ضمن الفيديو الذي نشرته على اليوتيوب (يمكنكم الاطلاع على النص فيما يلي).

وقد قامت سلطان بتأليف "رسالة إلى الأرض" وهي معزوفة بيانو لمدة 4 دقائق تحكي قصة: ظهور فيروس "كورونا" على الأرض الذي يعترض على كيفية تعامل البشر مع بعضهم البعض، فيقرر كورونا أن يتدخل بشكل جائحة ويجبر البشر على الاتحاد وإيجاد الإيمان داخلهم والعمل معاً، وعندما يقومون بذلك، ترحل الجائحة مخلفةً وراءها مكاناً متواضعاً ولكن أكثر حكمة ولطفًا وروحانية.

 

العلاقة بين الموسيقى والنص مؤثرة وآسرة ولكن، سيلمس القرّاء في إجابات رولا خلال الحوار؛ أن العلاقة بين الموسيقى والكلمات أكثر عمقاً وأكثر غرابة مما يمكن أن يتخيله المستمع العادي.

 

في 31 مارس 2020، التقينا -افتراضياً–رولا سلطان لنناقش رسالة إلى الأرض ونتحدث عن خبرتها كعازفة وملحنة.

 

نودّ من فضلك أن تخبرينا عن رسالة إلى الأرض كيف قمتِ بتأليفها؟ ولماذا قمتِ بتأليفها؟ وما هي الرسالة؟

منذ أسبوعين، استيقظت وأنا حقاً منزعجة مما يحدث بسبب فيروس كورونا -خاصة في إيطاليا، حيث إن شعبها كان لطيفاً جداً معي حين زرتها، وبدأت الموسيقى تتحدث منهالة في رأسي ولم أستطع إيقافها، حيث ألّفت رسالة إلى الأرض حينها فوراً –بينما كنت أفكر في الوباء وقلقة مما سيحدث بعد ذلك. عندما بدأت الموسيقى حديثَها فيّ، اتجهت فوراً إلى البيانو خاصتي وترجمت كل ما في رأسي إلى نوتة.

 

تمتلك هذه المقطوعة بعض النقلات: في النغمة والمفاتيح والأسلوب والمشاعر وما إلى ذلك، هل يمكنك أن تخبرينا عن هذه النقلات في رسالة إلى الأرض؟ هل هناك قصة؟

نعم، هنالك قصة. إنها تتحدث عن فيروس كورونا بحسب ما رأيته، كيف بدأ ولماذا. وهي كأن "كورونا" أراد أن يخبرنا شيئاً وأن يقدم للبشر درساً. وبعد الدرس، سيذهب كورونا بعيداً وستبدأ الحياة بالتحسن نتيجة ما تعلمناه.

 

بالنسبة لبعض الموسيقيين، التأليف هو عملية تقنية تتضمن نظرية، ووضع نقاط ومزج الألحان. إلى أي حد تعد مؤلفاتك تقنية وإلى أي حد هي حسية وشعورية؟

لقد وهبني الله موهبة جليلة –نغمٌ مثالي، نغمٌ مطلق، سمه ما شئت. وهذا يعني أنه يمكنني التعرف على أي نوتة أو وتر عندما أسمعه، لذا عندما أقوم بتأدية ألحان موسيقية معروفة فأنا لا أحتاج لقراءة أي نوتة: فقط أستعمل هذه الموهبة، وأقوم بإضافة لمساتي الخاصة إذا أحببت ذلك، وكذلك الأمر عندما أقوم بتأليف مقطوعة ما: فقط أستعمل مخيلتي وأتبع أحاسيسي. وبالتالي لا يوجد نظرية بالمعنى الكلاسيكي لها. يمكنك القول أنني أستعمل نظرية موسيقية ولكنها من مدرستي الخاصة.

 

تقولين "تبدأ الموسيقى بالتحدث" معك عندما تسمحين لها. هل هي كمحادثة؟ لا تسمعينها فقط؟

نعم! عندما أشعر بشيء – سعادة، حزن، أياً كان – تقوم الموسيقى في رأسي بالتعبير عن مشاعري وعما أرغب بقوله. رسالة إلى الأرض هي موسيقى تتكلم – تحكي قصة. الجزء الأول يحكي قصة قدوم الكورونا للوجود – قبل أن يذهب إلى أجسام الناس. كان يشاهدنا ويشاهد كيفية عمل البشر لأشياء فظيعة كالمجازر والعنصرية والحرب. في ذلك الجزء كانت الموسيقى تتحدث بشكل غاضب من خلال كورونا. كانت تستجوب الإنسانية وتتهمها. الجزء الثاني من الموسيقى يشرح كيفية انتشار وباء الكورونا بين البشر بغض النظر عن عرقهم، أو دينهم أو البلاد التي هم منها. وبعدها تنتقل الموسيقى إلى حالة السؤال ويسأل كورونا البشر فيما إذا كانوا سيتوحدون لتجاوز هذا البلاء. وبعدها تنتقل الموسيقى إلى حالة الشرط وتبدأ بإعطاء البشر نصيحة. إذا اتبع البشر النصيحة، فعندها سيذهب وباء كورونا. الجزء الأخير هو أمل:حيث يعد كورونا البشر أن الغد سيكون أفضل إذا اجتمعوا، وهنا تحسّن الموسيقى الأجواء وتنتقل بين السعادة والحكمة.

 

هذا يبدو وكأنه تداخل، أو لنقل معيّة حسيّة (synesthesia) – مثلما يقوم الأشخاص أصحاب السمع المطلقة بربط الألوان بنوتات معينة. وهو يحدث مع الكلمات أيضاً. هل لديك تداخل في الحواس؟

أنا أمتلك سمعاً مطلقاً لكنني لست متأكدة من أنه لدي تداخل في الحواس – ما هو الاختبار الأفضل لذلك؟ يمكنني إخبارك أنني أمتلك حاسة سادسة نوعاً ما: يمكنني الشعور بالأشياء قبل حدوثها خاصة في أحلامي، وهي غالباً ما تخبرني بما سيحصل في اليوم التالي، لا أعرف إن كان هذا مرتبطاً بشكل مباشر بالموسيقى، ولكنه حتماً مرتبط بحساسيتي وهذا جزء كبير من موسيقاي.

 

ما هي المؤثرات والأنماط الموسيقية وراء رسالة إلى الأرض؟

هي مزيج من أنواع مختلفة من الموسيقى: الكلاسيكي، والكلاسيكي الجديد، والروك الكلاسيكي، والمعاصر والعصر الجديد.

 

لقد قمت بتسجيل أنماط موسيقية مختلفة كاختلاف ياني وماتيلدا. فما هو النمط الموسيقي الذي تفضلين عزفه؟

عندما كنت مراهقة كنت أستمع للروك الكلاسيكي كماتيلدا وسكوربيونز – بجانب فناني المفضل ياني. وقد ركزت على موسيقى ياني حتى التقيت بزميلي يزن إبراهيم والمهتم بموسيقى الروك، وشعرت معه بالتشجيع على عزف ما كنت استمع له عندما كنت مراهقة. لكن تركيزي الأساسي هو الموسيقى الشبيهة بأسلوب ياني.

ما هي قطعتك الموسيقية المفضلة؟ وما الذي تحبينه فيها؟

هنالك الكثير على قائمتي! لكن المقطوعة الأولى التي ألهمتني كانت Until the Last Moment التي عزفها ياني. وهي ما زالت تأخذني إلى عالم آخر.

 

لقد قمتي بأداء فني في إحدى حفلات ياني. كيف كانت تلك التجربة؟

لقد شاركت في حفل ياني في العلا على مسرح مرايا. وقد نظمه Syrup for Entertainment. قمت بتأدية العديد من مقطوعات ياني في البهو لاستقبال الضيوف أثناء قدومهم إلى المسرح الرئيسي قبل العرض، وكانت تجربة رائعة.

 

ما رأيك بعزف موسيقى ملحنين آخرين مقارنة بعزف موسيقاك الخاصة؟

أعتقد أنه يوجد فنان مفضل لكل موسيقي عندما يبدأ رحلته الموسيقية، بالنسبة لي فإن ذلك هو ياني، أحب أيضاً معزوفات هانز زيمر – إنهم عباقرة. عندما أستمع لموسيقيين عظماء كهؤلاء أتعلم التقنيات وكيفية تأليف الموسيقى، ولكن بالطبع عندما أقوم بتأليف موسيقاي الخاصة، يتسنى لي فرصة إضافة لمساتي الشخصية واتباع خيالي الخاص. إنه شعور رائع.

 

عندما رأيتك تعزفين للمرة الأولى في فعالية هنا في "إثراء"، لم تكن معك أي أوراق لقراءة النوتات الموسيقية، اعتقدت بالبداية أنك ترتجلين والآن غير متأكد. كيف هو الأداء في "إثراء"؟

"إثراء" هو منزلي الثاني ويدعوني من أجل العزف في الفعاليات، وبعد مشاركتي من خلال منظمة فنية وثقافية تعاونت مع "إثراء" في فعالية مهرجان أفلام السعودية، بدأ مركز "إثراء" بدعوتي للعزف هناك بشكل دوري. لقد شاركت في العديد من الفعاليات المهمة في إثراء مثل IKTVA، مؤتمر فكر، IPTC وغيرها الكثير. وقد كان "إثراء" منصة رائعة لي. مؤخراً، كنت ألتقي مع بعض طاقم إثراء للتخطيط من أجل حفل على أحد مسارحه لمشاركة معزوفاتي الأصلية. وعلى حد معلوماتي، فإن مركز "إثراء" هو الوحيد الذي يملك بيانو ستينواي في السعودية وسيسمحون لي أن أكون أول عازفة بيانو تعزف على هذه الآلة الفاخرة جداً. لا يمكنني أن أكون أكثر سعادة وفخراً من ذلك.

 

ماذا عن دور الارتجال في موسيقاك الخاصة؟

بالنسبة لي الارتجال هو عبارة عن الخيال والمشاعر العميقة جداً.

 

يبدو أن البنية والنغمة جزءان مهمان من موسيقاك. هل يمكنك أن تخبرينا عن كيفية ابتكارك أو عملك ضمن الأجواء الموسيقية؟

نعم البنية والنغمة جزءان مهمان جداً لي، حيث أحتاج إلى جو هادئ وصامت لأشعر بكل نوتة ولأجد ما يلامس الأحاسيس التي أريدها لكل منها.

 

وما رأيك في الوقت الذي يمضيه الموسيقي وحدَه منفردًا؟ يتوقع الناس أن الرسامين يقومون بالرسم في الاستديو ومن ثم مشاركة ذلك، بينما يميلون لتخيل الموسيقي ضمن عرض أكثر من إمضاء وقت في التمرن أو التأليف.

إمضاء وقت منفرد يحفز الموسيقيين على ابتكار موسيقى. حيث يسمح ابتعادهم عن الضجيج لإبداعهم بالعمل – حين يسمعون الموسيقى تتكلم بدلاً من البشر.

 

هل تعتقدين أن العزلة الاجتماعية ستقود لتزايد الإبداع لدى الموسيقيين؟

أعتقد أن هذا ما يحتاجه الموسيقيون لابتكار الموسيقى: حيث زمانٌ ومكان يكون الجو فيه صافياً وهادئاً ولا يوجد فيه صوت سوى الموسيقى؟

 

كيف تعتقدين أن اليوتيوب غيّر ثقافة الإبداع الموسيقي الفردي؟

بشكل عام، أعتقد أن وسائل التواصل الاجتماعي مهمة جداً هذه الأيام للموسيقيين. لنقل فقط أنه يمكن لكل موسيقي بناء منصة من خلاله، وبالنسبة لي إنستغرام هو منصتي الأساسية، وهو المكان حيث يشجعني جمهوري وأعلن عن الفيديوهات الجديدة التي أشاركها على قناتي على اليوتيوب، تسمح هذه المنصات لي بخلق ومشاركة فيديوهات الموسيقى الخاصة بي التي من إخراجي وإنتاجي الخاص.

 

ماهي توقعاتك حيال الموسيقى في العصر الرقمي: بيانو رقمي، وتسجيلات بأسعار معقولة، والتوزيع على الإنترنت، والهواتف الذكية؟

لقد ساعدت التكنولوجيا الجيل الجديد من ناحية جودة التسجيل والسهولة الأكبر والسرعة في التعلم، لكن بالنسبة لي مهما تطورت التكنولوجيا، لا يوجد شيء مثل صوت وشعور البيانو الكبير.

 

رسالة إلى الأرض

تأليف رولا سلطان

 

رسالة إلى/ الأرض.

أنا كورونا...

ولدت / في هذه الأرض

لا يهم / إن كنت مصنعًا.

أو كنت / من الطبيعة

لكن بقدرة / القادر

جئت ولدي / رسالة

 أيها الإنسان

كنتُ ساكنًا خامدًا

أراقب هذه / الأرض

رأيت الحروب والدماء. رأيت / الظلم والمجازر. رأيت العنصرية / والتنمر.

كم كنتم مشغولون ببعضكم أيها الجنس البشري.. هنا قررت أن أتدخل!

نعم جئت أذكركم أن / عدوكم ليس بنو جنسكم. عدوكم / ليس إنساناً مثلك!

عدوكم قد يكون مثلي... / لا يلمس ولا يرى بالعين المجردة!

أين قوتكم و / جبروتكم الآن؟

 انتشرت / بينكم بسرعة.

لم أهتم بعرق، أو ديانة / أو بلد أو طائفة.

وهنا رسالتي / واختباري لكم... / هل ستنجحون؟

هل ستتحدون و تكونوا / جنسية واحدة وهي الإنسان؟

فبمجرد اتحادكم قليلاً لمحاربتي / استطعتم الحد من انتشاري قليلًا.

نعم، من الممكن أن تجتازوا / هذه المحنة وأن تهزموني

ولكن...

أحبوا بعضكم

دعوا السلام ينتشر بينكم بدلاً مني.

تذكروا النعم / التي كنتم فيها

استشعروها..

ارحموا بعضكم

حتى يرحمكم/ الرب وأرحل

ولكن قبل أن أرحل

أرجو أن تشكروني

أنني أعدتكم / لإنسانيتكم وأخلاقكم

علمتكم أن الحرب الحقيقية / ليس بين إنسان وإنسان

الحرب الحقيقية / هي الحفاظ على هذا الكوكب

هذا الكوكب يستحق الحياة

غداً / سيكون أجمل

بعد / صبركم

وإيمانكم

وحكمتـكم

أخبار ذات صلة

For better web experience, please use the website in portrait mode