الطفل الفيلسوف بين توجيه صارم وتربوي نقدي

هل يستطيع الطفل أن يتفلسف؟ هذا السؤال تطرحه المدير العام لمؤسّسة بصيرة الأفكار والاستشارات التربوية والتعليمية داليا تونسي خلال محاضرة "الطفل الفيلسوف" في مؤتمر "تعلّم بلا حدود 2021"، الذي نظمه مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)، وأكدت على أهمية التربية الحوارية كمنهج فلسفي يركّز على الطفل كمحور هام للعملية التعليمية.

 

  

  

  

  

 

 

وبينت أنه يجب استبدال الحوارات الفلسفية مع الأطفال من التوجيه التربوي الصارم إلى الحوارات ذات الحس المفتوح، حيث أنها تعتبر الطريقة المثلى لبناء الحس الفلسفي النقدي عند الأطفال، وهي الطريقة التي تمكّن الطفل من التفلسف عبر طرح أسئلة وجوديّة تعبّر عن فضوله تجاه عملية التفلسف والتأمّل الفلسفي.

وأوضحت التونسي، أن الطفل عبارة عن بناء اجتماعي وتعريفه متغيّر وطارئ يعتمد على أنماط التنشئة الاجتماعية، والنظرة المجتمعية، وهي الطريقة التي يرى بها المجتمعات، ولذلك ترى أن نظرة المجتمع للطفولة أمرٌ متغيّر، فالطفل المتمكّن القادر على اتخاذ قراراته بنفسه يختلف عن الطفل المستوطن بعالم الإنترنت، ويختلف عن طفل الصحوة وطفل الطفرة وجيل الألفية وطفل اليوم، لذلك هو متغيّر باستمرار، ومرتبط بالحالة الاجتماعية ومراحل نمو الطفل.

وفي حديثها خلال ورشة عمل "تقنيات الأسئلة الفلسفية"، ذكرت أن الفلسفة مجموعة من المحاولات البشرية لمواجهة المستغلق من الأسئلة، وتهيئة الأجواء لمنح الإنسان قدرة التفكر في طرح الأسئلة، حيث شبهت الحوارات الفلسفية بالمنهج السقراطي الذي يعد شكلًا من أشكال الحوار بين الأفراد بطريقة تعاونية، إذ يقوم على طرح الأسئلة والإجابة عليها واستخلاص الأفكار ورصد الافتراضات المسبقة، إذ يأتي المنهج السقراطي في سلسلة من الأسئلة الموضوعة التي تهدف إلى مساعدة المجتمعات على اكتشاف معتقداتهم بشأن موضوعات معينة.

وفي جلسة حوارية مع الرئيس التنفيذي لشركة دروب البركة الوقفيّة الدكتورة سلافة عادل بترجي تحت عنوان "قوة الذكاء العاطفي في بيئة التعلم"، بيّنت أن المناعة النفسيّة هي عبارة عن القدرة على تحمّل الضغوطات، وإمكانية العمل بشكل منتج ومثمر وقادر على تقديم المساهمة في المجتمعات، وهي حالة من العافية الشاملة التي يدرك فيها الفرد إمكانياته الخاصة.

 

وأوضحت بترجي، أن الضغوطات جزء من حياة الفرد، لذلك يجب إدارة الضغوطات لأنها هي التي تعكس ضعف العافية النفسية وتؤثر بها على الأبناء، مؤكدة أن هُناك حقيقة علمية بأن الإنسان يولد حاملًا جينات وراثية تشكّل جزء كبير من شخصيته، ولكن الظروف البيئية المحيطة به إما تُنشط هذه الجينات الوراثية أو تهذبها أو تجعلها أكثر قوة.

كما بيّنت بترجي، أن الاتزان يبدأ من الداخل، مؤكّدة أن الإهمال العاطفي للأطفال هو من أشدّ أنواع الإهمال خطورة، إذ يندرج عليه عدّة مخاطر منها الرهاب الاجتماعي، والوسواس القهري، موضحة أنه لابد أن يكون هناك اتزان من الوالدين والمعلمين على الأبناء في عدة جوانب رئيسية، وهي العاطفة والعقل والجسد والجانب الاجتماعي.

الجدير بالذكر أن المؤتمر يهدف إلى تقديم منتجات معرفية وتعليمية مبتكرة تُسهم في تطوير أساليب التعلّم، وتركّز على تطوير المهارات والطابع المعرفي للقوى العاملة في المستقبل، ويسعى إلى توفير بيئة تشاركية لطرح الأفكار والانخراط في حركة التجديد، وتمكين المشاركين من تجاوز الطرق التقليدية للتعلّم.

  

  

بقلم: سمية السماعيل

أخبار ذات صلة

For better web experience, please use the website in portrait mode