تعاني الأرض ونظامها البيئي المعقد مِن منغصات كثيرة، تجعل الحياة عليها تزداد صعوبة يوما بعد يوم، نتيجة التلوث المستمر: ثقب طبقة الأوزون يزداد اتساعًا، والاحتباس الحراري تتزايد وتيرته باستمرار، ما أدى إلى خلل جسيم في التنوع البيئي وانقراض أنواع عديدة من الحيوانات والنباتات، وازدياد متصاعد في درجات الحرارة، وذوبان الجليد في القطبين، وارتفاع منسوب المياه، وهذه كلها مؤشرات لا تنذر بمستقبل مشرق.

 

ولأن المسؤولة تقع كاملة على عاتق الإنسان، مفجر الثورة الصناعية، والعابث الأول بتوازن الطبيعة، فقد فكر هذا الإنسان في حلول تخدم البيئة كنوع من التكفير عن أخطائه وسقطاته تجاهها، و قرر أن يفعل شيئا من أجل حفظ ماء وجهه في مواجهة أمه الأرض، ولكي تظل صالحة لوجوده على سطحها، ومن بين هذه الجهود التي يقودها الإنسان للحفاظ على البيئة إطلاق فكرة المباني صديقة البيئة، وتبني جوائز وشهادات لتلك التصاميم العمرانية التي تضع في الحسبان احترام البيئة وتخطب ودها وصداقتها، مثل شهادة "ليد" التي وجدت لتحفيز البشر على إطلاق العنان لأفكارهم، كي يوازنوا بين مواصلة البناء وتعمير الأرض دون مشكلة من جهة، ومن جهة أخرى السعي إلى عدم تلويث البيئة أكثر.

 

نظام الريادة في تصميمات الطاقة والبيئة الذي يختصر بـ ليد "LEED" برنامج تصنيف عالمي، يقيم المباني ويقيس مدى صداقتها مع البيئة ومدى احترامها للنظام الآيكولوجي لكل منطقة جغرافية وبيئية على حدة؛ تم تطويره من قبل المنظمة الأمريكية غير الربحية U.S Green Building Council. ويأخذ هذا المقياس بعين الاعتبار عدة نقاط، منها اختيار الموقع وتوفير الطاقة والكفاءة المائية وانبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكاربون وتحسين البيئة الداخلية للتصميم، وغيرها.

 

ويعتبر مبنى إثراء واحدًا من أشهر المباني في الشرق الأوسط والمنطقة العربية، التي تعتبر صديقة للبيئة؛ وقد منح المبنى التمثال الذهبي، وهو ثاني أعلى درجة، على مقياس "ليد". مبنى إثراء لا يحمي البيئة فقط ولكنه يسعى إلى تجديدها أيضا، ففي الوقت الذي تحتفظ فيه واحة المعرفة بحوالي 15 ألف نوع من النباتات، نجد أيضا أن نصف النفايات المستخدمة في عملية الإنشاء قد تم تدويرها وإعادة الاستفادة منها.

 

منذُ كان إثراء فكرةً في الذهن حتى أصبح معلما عمرانيا متميزا في المنطقة والعالم، مرورًا بكل مراحل التصميم والتنفيذ ظل الهاجس البيئي حاضرا، أريدَ لهذا المبنى أن يكون رياديًا في كل شيء، في شكله الجمالي السابح في السحر والجاذبية، وفي المعاني المجازية لتفاصيله التي تحيل كلها إلى المعرفة والعلم والثقافة والفنون؛ بالإضافة إلى تعاطيه مع الوسط الخارجي، من خلال علاقته مع الأرض وصداقته مع البيئة. وتأتي شهادة "ليد" رفيعة المستوى في مجال المباني صديقة البيئة لتكون اعترافا دوليا بمكانة المبنى وبكل جهوده في أن يكون جزءًا من الحل البيئي الكوني، ومن مستقبل العمران على وجه الأرض.

 

المدونات المتعلقة

For better web experience, please use the website in portrait mode